في بداية الحياة الزوجية يكون كلا الشريكين في مرحلة ماسية مفعمة بالمشاعر والرومانسية، مليئة بالشغف حيث لا يرى كلا الطرفين في الآخر سوى كل جميل ومحبوب، ولا ينتبه إلى أخطاء الآخر أو يدقق بالتفاصيل.
مع مرور الوقت الذي تشير الأبحاث الى أنه من 12 إلى 18 شهر تدخل العلاقة الزوجية مرحلة أخرى حيث يشعر كلا الزوجين بالأمان فقد اجتمعا معا لم تعد هناك حاجه لبذل مجهود لإرضاء الآخر أو محاولات لجذبه ولفت انتباهه تستقر الأموروتقل اللهفة ويتغير سياق التعامل بين الزوجين نتيجة للروتين اليومي الذي يتسم بالملل والفتور بين الزوجين وتقل العواطف والإثارة شيئا فشيئا وهذا لا يعني أن الحب بين الزوجين يقل أو يتنهي، وانما هذا تنبيه للطرفين إلى ضرورة القيام بالصيانة الدورية لحياتكما الزوجية والسعي والإجتهاد برغبة واصرار وحب لإضفاء التجديد والإثارة والبهجة للعلاقة كما بدءت .
-أسباب ومؤشرات الملل في الحياة الزوجية:
1- أفكار شريرة:
بعد حرص كلا الشريكين على اتمام الزواج وفعل كل ما بوسعهما في مرحلة الخطوبة لذلك يشعر كلا الشريكين بالراحة في النهاية تم الزواج وأصبح كلا منهما يعتقد أنه يمتلك الآخر فلم يعد هناك داعي لبذل الجهود لإرضاء الطرف الآخر، فالزوج يعتقد أن الزوجة ليس لها مصدر دعم مادي سوى زوجها ومكان سوى بيتها فلن تذهب الى مكان اخر. كذلك الزوجة تعتقد أنها أحكمت القبضة على زوجها من خلال مسؤوليته عنها وعن أولاده.
2- الأنانية والتسلط:
فقد يمحور أحد الشريكين الحياة الزوجية حول اهتماماته وعمله وهواياته وأصدقائه ..الخ فالأهم عنده هو راحته على حساب الشريك الآخر وبالمقابل يفرض ذلك على شريكه ويديم انتقاده ويتهمه بالتقصير فهو لا يرى الا نفسه. عدم التقدير والانتقاد من أحد الشريكين للآخر يصل به الى مرحلة اليأس والفتور والبعد وذلك لأن كل محاولاته لإسعاد الطرف الآخر تقابل بالإنكار وعدم الرضى.
3- اختلاف وجهات النظر:
فالزوج يرى أنه يحمل على عاتقه المسؤوليات المادية والتي يعاني منها حتى يحقق مستوى معيشي أفضل لأسرته وفي المقابل الزوجة تشكو من انشغاله عنها وعدم الحديث معها وأنها أيضا لديها مسؤوليات البيت والأولاد ولكنها تحتاج إلى مشاركة وجدانية ودعم عاطفي وأنه من حقها الذي قد يراه الزوج تفاهه وفراغ من الزوجة.
4- فقدان مفتاح الشخصية:
يعتقد الزوج أن مسؤوليته الزوجية قاصرة على الانفاق المادي فيركز على عمله كل التركيز وهو بذلك يعتقد أنه أدى ما عليه وكذلك الزوجة مسؤليات البيت والأولاد ولكن كل منا له شخصيته المستقلة التي لها أشياء تفضلها اماكن يسعدها التواجد بها شخصيات تتلذذ بالحديث معها ..الخ ولكن للأسف قد تجدهما عديمي الحرص على معرفة ذلك عن بعضهما ويكتفيان بالتوقع والتصرف بناء على رأي شخصي أو نصيحة خارجية أو ما يناسبه دون الاهتمام بسؤال الشريك عما يحبه ويناسبه وبالطبع نتيجة لذلك اختلاف ردات الفعل بما لا يرضي الأطراف ومن ثم الفتور والبعد.
5- التجاهل والانشغال:
في بداية الزواج يحرص الزوجين على التواجد مع بعضهما أطول فترة ممكنة داخل البيت أو خارجه. بعد مرور فترة ينشغل أحد الطرفين أو كلاهما عن الآخر فترى الزوج يجلس كثيرا خارج المنزل، يفضل رفقة أصدقائه عن زوجته، وعند تواجده بالمنزل ينشغل بمشاهدة التليفزيون وحده أو متابعة وسائل التواصل.
أما الزوجة فقد تفضل الجلوس عند أهلها لفترات طويلة أو الخروج مع صديقاتها أو الدردشة على جروبات وسائل التواصل . وعند تواجد الزوجين معا تجدهما يغلب عليهما الصمت فلا أحد يتحدث مع الآخر عن يومه مثلا عن عمله أو حتى يتشاور معه على سبيل الفضفضة بأي موضوع.
6- برود المشاعر والعاطفة:
كل هذه العوامل السابقة قد تسبب فتور الشغف والإثارة بالعلاقة الحميمة حيث يبتعد كلا الطرفين عن الآخر عاطفيا قبل أن يبتعد جسديا ومن ثم تفقد العلاقة الحميمة وظيفتها وجوهرها بالنسبة للزوجين وتصبح روتين في العلاقة خالي من الدفء والإحتواء بل قد تتحول الى عبء يتهرب منه أحدهما وتقل مرات حدوثها بينهما ومما يزيد الأمر سوءا صمت الزوجين حيال هذا الجفاء بدون سعي للعلاج أو إحياء العلاقة بينهما.
كيف أتجنب الملل والفتور في حياتي الزوجية؟
عزيزي الزوج عزيزتي الزوجة، في البداية دعونا نتفق أن الملل في الحياة الزوجية أمر طبيعي يأتي وينتهي فطاقة البشر أوقات ترتفع فتكون الحياة جميلة متجددة سعيدة وأوقات أخرى تنخفض طاقتكما فيحدث الملل والفتور في العلاقة، لذلك علينا بتقبل هذا الأمر والتعامل معه على أنه أمر عارض علينا السعي لعلاجه على النحو التالي:
1– الصراحة والتفاهم :
الحياة الزوجية القائمة على المصارحة بين الزوجين هي تسير بهما الى بر الأمان حيث يشرك كل طرف الآخر فيما يريد وما يحب وما يكره ويتفق الزوجان فيما بينهما على اسعاد بعضهما كما يريد كل طرف وليس بناء على نصائح خارجية أو وجهة نظر شخصية والسر الأعظم أن لا ينام الزوجان ابدا وهما متخاصمان أو على خلاف وانما التصارح والتصالح قبل النوم والحرص على تصفية الجو المشحون بينهما بأي حل وسط يرضي الشريكين ويغلب المحبة والود بينهما.
2- الذكريات السعيدة :
عندما يرغب الزوجان في إحياء الحب مرة أخرى في حياتهما يكون المقياس بالنسبة لهما الذكريات الجميلة لهما معا سواء في مرحلة الخطوبة أو ببداية الزواج، فكلا الشريكين يقارنان الوضع بالماضي وما أصبح عليه الآن.
لذلك هناك حل سحري لإحياء الحب من جديد وهو أن يعيدا معا ما كان يسعدهما في بداية الإرتباط حسب إمكانياتهما المتاحة.
فقد يكون لقاء بمطعم اعتادا الذهاب إليه، أو حضور فيلم رومانسي معا، أوسفر لمكان محبب لهما، أو حتى مجرد الجلوس بشرفة المنزل والحديث معا بحب وانصات ولقاء للقلوب قبل العيون.
3- الوقت المشترك:
رغبة الزوجين في استمرارالحياة معا وتوافر النية لديهما بإسعاد كلا منهما للآخر يجعل الفتور والملل أمر عارض وتحدي بالنسبة لهما يتعاونان معا لتخطيه والفوز بحبهما فكلا منهما يحاول أن يستميل الآخر تجاهه مرة بالتسامح مرة بالتراضي وأخرى بالتغاضي.
يحرص الزوج على مدح زوجته وجمالها واهتمامها بنفسها ويقدر لها مجهوداتها لإسعاده وفي المقابل تزيد هي من جرعات الرومانسية والحنان والإحتواء وتوفير جو هادئ ملئ بالتفاهم والمودة والإنصات للحلول التي ترضي الطرفين.
4- التجديد والمفاجأت:
الروتين اليومي بحياة أي شخص يجلب له الملل فماذا لو كان روتين للزوجين سيكون ملل مضاعف،
وللعلاج على الزوجين ادخال التجديد على حياتهما الزوجية ولو بأبسط الأمور فلا نطلب منكما مثلا تغييرأثاث المنزل أو الذهاب للمالديف وان كان هذا مطلوب لو متوفر بالإمكان ولكن أقل تغيير سيدخل معه إلى حياتكما روح التجدد وحيويتها، مثلا يستطيع الزوج جلب وردة لزوجته على غير عادته عند عودته الى المنزل ، تستطيع الزوجة ارسال رسالة غرامية يوميا لزوجها مع دقات العاشرة صباحا مثلا، أو تجهيز عشاء رومانسي والاحتفال به بدون مناسبة سوى أنهما حبيبان معا.
5- انسجام المسؤوليات:
سر نجاح الحياة الزوجية فهم كلا الزوجين أنهما شريكين بمؤسسة خاصة بهما قائمة على مجهوداتهما وسعيهما الدائم لنجاحها والمحافظة عليها من التقلبات والتي من أهمها الفتور والملل ومايسببه من انفصال عاطفي بين الزوجين.
لذلك يجب التعامل معه على انه تنبيه لبداية خطر يواجه شركتهما والإستعداد بكل ما يملكون من أرصدة محبة ومودة وتفاهم وتقدير لقيمة كل طرف عند الآخر وتحمل المسؤولية بتعاون وانسجام ورضى حتى يصل مركبهما الى بر الأمان،
فحين ترى الزوجة زوجها مهموم أو منعزل أو على غير عادته معها ، تلتمس له عذرا أولا ثم تحاول أن تفهم الأسباب منه وبحكمة الزوجة الحنونة يصلان الى حل بدون صراع أو شكوك.
وكذلك الزوج ينصت إلى زوجته ، يشعرها بالأمان وأنه معها بكل مسؤولياتها، وأنه متقبل لها بجميع حالاتها، يساعدها اذا احتاجت له، لا يبخل عنها بالنصيحة، وهكذا تسير مركبهما بدفتين من فولاذ أحدهما بيد الزوج والأخرى بيد الزوجة.
عزيزي الزوج عزيزتي الزوجة، حياتكما الزوجية مسؤولية تحتاج منكما إلى سعي مستمر وجهود كي تنجح وتحقق السعادة لأيامها. الملل الزوجي ليس نهاية الحب بينكما ولكنه مؤشر لكما وتنبيه لإدخال التجديد إلى حياتكما وإحياء الحب وإشعال الشغف والإثارة بينكما مرة أخرى . اقبلوا التحدي .. وكونا على موعد مع السعادة.
Leave a Reply